بسم الله الرحمن الرحيم
كنت أظن أني وصلت لمرحلة الاستغناء والاكتفاء
الاستغناء “الروحي” عن البشر – كلماتهم، لطفهم، همساتهم، إعجابهم، حنانهم، حبهم
والاكتفاء بنصيبي الذي نلته من تلك “الهدايا الروحية” فيما مضى من حياتي ليبقى ذكرى أعيش عليها ما بقي من هذه الحياة
لكن يبدو أن الإنسان لا ولن يصل لهكذا مرحلة أبدا ما دام فيه قلب ينبض وروح تسري في الجسد – حتى وإن توهم عقله غير ذلك
اليوم وصلني تنبيه على حسابي في “الفيسبوك” أن إحدى صديقاتي ذكرت اسمي في تعليق على منشور
يقول المنشور : “صديقات للأبد ولن يفرقنا إلا الموت”
قد يبدو الأمر عادي، وربما معتاد عند البعض، لكنه ليس كذلك بالنسبة لي – والسطور الأولى من هذه الخاطرة تشرح الحال وتغني عن السؤال
ردة فعلي الأولى عندما قرأت اسمي كانت فرحة “طبيعية” كنت قد نسيتها منذ زمن – أو هكذا خيل إلي
ثم أرسلت ردًا “طبيعيا” ولو كنت أجيد ما هو أفضل من “الطبيعي” لما بخلتُ به – لكنه حكم العادة، أو ربما عدم الاعتياد
بعدها تبادر إلى ذهني عديد الأسئلة أولها : لماذا أنا؟
صديقتي تلك لها محبات وصديقات كثر، لستُ أكثرهن تواصلًا معها ولا توددًا إليها ولا نفعًا لها ولا حتى قربًا منها – بكل ما تعنيه كلمة “قرب” من معاني مادية ومعنوية – فلماذا أنا إذًا؟
لعلني فعلت أو قلت شيئًا نسيتُه ولم تنساه
أو لعلها أحست بحالة “الجمود” التي أصابتني فأرادت أن ترمي حجرًا في “مياه روحي” الراكدة
أيًّا كانت الأسباب فهي مجرد أسباب تجيء وتذهب، ويبقى المسبب لكل شيء يكفيني ويغنيني بجميل فضله وكريم عطاياه
ويرسل لي رسائل – على ألسنة البشر وبأيديهم – تذكّرني أن حياتي مازال فيها “حياة”.