رفقا بنفسك أيها الناقد

بسم الله الرحمن الرحيم

%d8%b3%d9%8a%d9%81-%d9%88%d9%82%d9%84%d9%85

نعم أصبحتَ الآن صاحب قلم مميز جدير بالمنافسة في عالم الكتابة، لا تنقصه الموهبة ولا يغيب عنه الحس الأدبي

لكن لتعد بذاكرتك قليلًا للوراء – بضع سنوات فقط – وتحديدًا لذلك اليوم الذي أبصر فيه قلمك النور ، ترى كيف كان رأي أصحاب الرأي في كتاباتك؟

ولو افترضنا أنك مازلت تحتفظ ببعض أوراقك القديمة، كيف ستكون ردة فعلك إذا عدت لقراءتها الآن في العام 2017؟

لا أظن أنك ستسارع لتمزيق تلك الأوراق أو نقلها لمكان يخفيها عن العيون، بل ربما ستبتسم زهوًا بذلك القلم الصغير وتضحك من أخطائه التي حتمًا ستغفرها له لصغر سنه وحداثة عهده بالكتابة ولن تنسى أيضًا عامل “الزمن” – فتسعينات القرن الماضي بأفكارها وأحداثها بالطبع ليست كعامنا هذا

2017 عام النضج والخبرة – وربما الشهرة – بالنسبة لك هو نفسه نقطة البداية بالنسبة لآخرين ، فلماذا تنكر عليهم الوقوع في الخطأ أو التأثر بفكر لا يتناسب مع ما تعتنقه من أفكار – أم تراك لم يسبق لك أن غيرت قناعاتك في بعض الأمور حين أصبحتَ أكثر نضجًا أو عندما تنبهت لخطئها وصحة غيرها؟

وهل حسن نيتك في تنبيه هؤلاء لأخطائهم وتحذيرهم من الوقوع في شرك أفكار غريبة قد تجرهم للأسوأ، يبرر لك تسفيه عقولهم والسخرية من أسلوبهم والاستخفاف بقدرتهم على التعبير عن أفكارهم ووصف أحاسيسهم وما يجول بخواطرهم؟

ستقول أنك لست من أولئك الذين ينشغلون بمتابعة “الهواة” المبتدئين في عالم الكتابة، وأنك نذرت موهبتك لكشف زيف أفكار وفلسفات يروج لها كتاب “كبار” لهم قراء كثر وحولهم مريدين أكثر

حسنًا لن أنكر عليك قدرتك على النقد ولن أجادل في مدى سلامة أفكارك وسوء أفكارهم، لكن ألا يوجد أسلوب للنقد أفضل من التشهير والسباب

هل قوتك في الحق وجرأتك في كشف الزيف وكونك لا تعطي الدنية، تبرر لك وصفهم بأوصاف تصل لحد إلغاء انتسابهم للجنس البشري وتنحطّ بهم لعالم الحيوانات؟

لماذا لا تركز نقدك على مصارعة الفكر بالفكر بدلًا من التفنن في اختيار أشنع الألفاظ وأفظع الشتائم؟

قد تكون أفضل منهم ورأيك صواب ورأيهم خطأ وربما اتفقتُ معك في الرأي، لكني أبدًا لن أتفق معك في أسلوب نقدك، وليس هذا مداهنة مني لهم ولا تأثرًا بآرائهم أو خوفًا من كثرة أتباعهم ومعجبيهم – إنما هم الخوف على قلمك، فرفقًا به أيها الناقد وبمن يتوسمون فيه الخير

أضف تعليق